الجمعة، 25 يوليو 2008

الوركاء حضارة وتاريخ العراق عاصمة دولة وسط الصحراء..تقرير مصور

الوركاء حضارة وتاريخ العراق
عاصمة دولة وسط الصحراء
قرر كادر موقع الظافر من السماوة زيارة اثار الوركاء . وبعد دراسة استمرت اسبوع واستحصال الموافقات الرسميه تهيأ كادر الموقع من محرر ومصور لزيارة هذا الصرح الحضاري والتاريخي للوقوف على ما اطلعنا عليه من تقارير سابقه وبحوث اجريت حول الوركاء وحكم الملك كلكامش في صفحات الانترنيت والكتب الكثيرة التي تتناول هذا الموضوع في حقبة حكم السومريون قبل حوالي 5000سنه ..
بعد التوكل على الله قمنا بزيارة دائرة مفتشية اثار المثنى في السماوة والتقينا بالمسؤولين الذين رحبوا بفكرة عمل تحقيق مصور حول اثار الوركاء .. والذين شرحوا لنا تفاصيل عن حكم السومريون وكيف اصبحت الوركاء عاصمة لهم ابان حكم الملك كلكامش والمعروفه ملحمته عالميا (ملحمة كلكامش) والتي قرأنا عنها الكثير الكثير في المصادر الادبيه والتاريخيه العربيه والغربيه .
حيث عرفنا من موظفي المفتشيه للاثار في السماوة انه كان يعبد في حقبة كلكامش الاله (سموى) في ذلك الزمن ومعنى كلمة الوركاء( ارض الرب) وايضا ترجمت بمعنى اخر وهو (ارض رب السماء.) ويعتقد انه سميت مدينة السماوة بهذا الاسم نسبة الى ذلك المعنى ...
وقبل ان نودع المسؤولين لاكمال الرحله الى الوركاء اصر افراد حماية الاثار وهم تابعين لقوة حماية المنشأت في السماوة (FPS) بمرافقتنا من اجل توفير الحماية لنا .. جزاهم الله خير الجزاء وهذا موقف لايسعنا الا تقديم شكرنا وتقديرنا لهم .
غادرنا مركز المدينه متوجهين الى قضاء الوركاء والذي كان سابقا يصنف اداريا بناحية الوركاء وهو الان قضاء تابع الى محافظة المثنى . تركنا زحام المدينه خلفنا وبعد اجتيازنا لسيطرة السماوة الرئيسيه متوجهين شمالا على الطريق الرئيسي الذي يربط السماوة بمدينه الديوانيه . وخلال الطريق تبادلنا الحديث مع السيد يعقوب احد افراد قوة الحماية وهو من سكنة نفس منطقة الاثار اي من قضاء الوركاء انه تعلم الكثير عن الاثار ولو انه ليس بخبير تاريخي او اثاري ولكنه توارث مهنة حراسة الاثار من اجداده وهو الان يعمل بنفس مهنة من سبقوه .شرح لنا عن المدينه او العاصمة السومريه فقال :
الطريق من مركز مدينة السماوة الى مركز قضاء الوركاء حوالي 15 كم ومن مركز القضاء الى الاثار حوالي 45كم حيث تقع الاثار في منطقه معزوله او صحراويه .
ثم قال : انه في مثل مهنته هناك دائما تعرض للسراق الذين بين فترة واخرى يحاولون سرقة الاثار ونهبها وهناك اشتباكات حصلت معهم فعلا ...
ثم اكمل : ان ماتشاهده من سيارات حديثة عندنا زودنا بها من قبل القوات المتعددة الجنسيات بسيارات بيكب حديثه ولكن لايوجد اي دعم من قبل الدوله حاليا . وهذا سهل علينا حراسة بقعة كبيرة من الارض الاثريه ..
وهناك اشار بيده انه سوف نترك الطريق الرئيسي ونتجه يمينا الى طريق فرعي ياخذنا الى مركز القضاء
حيث شاهدنا بساتين النخيل وكانها سجادة خضراء اللون على جانبي الطريق الزراعي ..
وعند وصولنا الى مركز القضاء ترجلنا من السيارات والتقينا بافراد حماية الاثار الذين هم ايضا من سكنة نفس المنطقه وايضا انضم معظمهم معنا في رحلتنا الى الوركاء واثارها العظيمه ..
ماهي الى دقائق انقضت ونحن نسير في طريق معبد فلم نشاهد اي اثر للاشجار وبدات رؤية صحراء كبيرة على مد النظر ثم اشار احد المرافقين معنا بانه هناك تقع اثار الوركاء ونحن ننظر بشغف وترقب فما هي الا لحظات وشاهدنا بناية استعلامات صغيرة وفيها ايضا عدد من الحراس وبوابه كبيرة تتوسط سياج من الاسلاك يحيط بالاثار ..
ترجلنا من السيارات وبدأنا بالمشي لانه لاتستطيع السيارات السير على ارض وعرة ورمليه ولكن كان لنا رأي اخر هو ان لا نحاول تخريب او سحق ارض شهدت بناء تاريخ العراق ومنها منبع اللغه والكتابه والصناعه والادب والملاحم البطوليه ..
وصلنا بعد دقائق الى منزل داخل الموقع الاثري وهو منزل حارس مدني سلمنا عليه وعلى ابناءه الصغار وشاهدنا انه لايوجد احد يحرس الاثار الا هذا الحارس وعائلته في داخل الموقع الاثري ..
وعند سؤالنا للحارس : هل تتوفر لك ولعائلتك الاحتياجات الاساسيه للعيش هنا وسط الصحراء ؟
اجاب الحارس وهو كبير في السن : انه لاتوجد هنا كهرباء نهائيا ولا امدادت للماء الصالح للشرب !!!
وبعد سؤالنا له كيف تعيش هنا بدون كهرباء او ماء ؟ فاجاب بالنسبة للماء فان افراد قوة الحمايه يجلبونه له بسياراتهم كل يوم . اما بالنسبه للكهرباء فلا يوجد غير الفانوس لديه للانارة . اما باقي مناطق الاثار ليلا فهي في ظلام لا يمكنه الرؤيه فيها ابدا.
فطلب منا ايصال شكواه الى المسؤولين بتوفير خط كهرباء وامداد الماء له من القريه المجاورة حوالي 5كم تبعد عنهم اذا تعذر ذلك ولو بتوفير مولد للكهرباء لاستعماله للانارة .
ثم التحق معنا وبدانا الرحله الى الاثار التي طالما كنا نقرأ عنها وعن ملحمة كلكامش في الكتب الادبيه ..
واشار لنا الحارس الى عربات قديمه تشبه عربات القاطرات ولكنها اصغر وسكك مشيده لها على مساحه الموقع الاثري ولكنها متروكه من سنين كثيرة مضت اخبرنا انها عائده لبعثة المانيه للتنقيب في الاثار حيث وجدوا الكثير الكثير من الاثار القيمه ولكنهم نقلوها الى المانيا ..وايضا جاءت بعثة اخرى بريطانيه ولكنها لم تستمر لفترة طويله مثل سابقتها .
وماهي الا فترة ثم بدأت ملامح تلال عاليه وسط الصحراء تتوسطها تله اكثر ارتفاعا تدعى بالزقورة وهي تشبه الزقورات الاخرى المعروفه المنتشرة في العراق كما في الناصريه جنوب العراق .
قمنا بتسلق الزقورة للوصول الى قمتها حيث شاهدنا منظرا لايمكن وصفه من قبلنا الا من قبل شاعر او اديب او كاتب تاريخي لكان وصفه اعمق ولكن شاهدنا صحراء على مد البصر تتخللها وديان وارتفاعات وتلال يستدل منها الناظر اليها على انها كانت قصور ومنازل وقلاع للرصد وجدران عظيمه كسلسله حول هذه المدينه ولكن مابقي منها الا تلك المنخفضات والارتفاعات والتلال بعد ما جرى عليها ماجرى من احداث غابرة وفيضانات والتفاف الكثبان الرمليه عليها من كل جانب .
نزلنا من قمة الزقورة حيث اخبرنا السيد يعقوب انه سوف يدلنا على بئر ضخم وميزاب او مايسمى محليا بالمرزاب ولكنه ايضا ضخم يقوم بجمع ماء الامطار من سطح او قمة الزقورة نزولا الى هذا البئر لخزن الماء العذب وهذه الطريقه كانت تستخدم سابقا لخزن الماء والاستفاده من ماء الامطار ..
ثم بعد ذلك مشينا على ارض تملئها الحجارة التي تشبه الطابوق المفخور او الاجر وايضا الملايين من شظايا او كسرات الجرار الفخاريه والخزفيه المحطمه والتي تملئ الارض كلها ..
ثم اتجهنا بعد مسيرة دامت 10 دقائق الى معبد يدعى (معبد –انا-سموى) شاهدنا جدران عاليه في هذا المعبد صبغت او تم طلائها بمادة اشبه بالزجاج الازرق اللون حيث حافظت هذه الاصباغ على نظارتها رغم القرون السابقه .. وما جذب انتباهنا انه استعمل اللون الازرق الغامق بكثرة هنا في طلاء الجدران وخاصة جدران المعبد حيث انتقلنا باذهاننا الى اثار بابل وبوابة عشتار وايضا كان للون الازرق الغامق حظ كبير هناك ايضا وهذا ماجعلنا نعتقد نحن انه للون الازرق الغامق دلالة للقدسيه عند السومريون سابقا ..وايضا يمكن ملاحظة اللون الازرق الغامق في كثير من النقوش حاليا ...
وبعد مغادرتنا للمعبد جذب انتباهنا شيء مهم وهو ملاحظة انه استعمل للبناء نوع من القار او الاسفلت بين ثنيات البناء الاثري وعند سؤالنا للسيد يعقوب اجاب : نعم استعمل القار او الاسفلت وانهم كانوا يصنعونه في معامل خاصة واتجه بنا لرؤية هذه المعامل ولكن لم يتبق منها شيء للاسف الى جدران منخفضه والكثير الكثير من الحجارة الاسفلتيه المتصلبه والتي تشبه الاسفنج لخفة وزنها .
وايضا اضاف السيد يعقوب : انه استعمل الجص في البناء وحجر الكلس ايضا حيث كانوا يقطعون الحجارة الكلسيه الكبيرة الحجم الى اشكال واحجام مختلفه ويضعون بينها الجص لربط البناء واستعملوا الحصيرة المصنوعه من سعف النخيل كعوازل عند الاسس وهذا ما شاهدناه ايضا ..
قمنا بمحاوله تحريك احد احجار جدار قديم ولكنها لم تتحرك لقوة التصاقها بمادة الجص والتي ذكرتنا بالجص المصنوع حاليا والذي لايمكن ان يشبه القديم من ناحية تطور الصناعه من حيث الجودة والقوة بالرغم من وسائل انتاجه القديمه والبسيطه فهو ذو قوة هائله للتحمل طوال هذه القرون السابقه .
بعد ذلك اتجهنا الى مكان طالما اردنا رؤيته وهو قصر او بيت الملك كلكامش ..وعند وصولنا شاهدنا جدران مربعه كانها متاهه منخفضه وممرات بينها اشار لنا السيد يعقوب بان هذا الموقع الاثري هو بيت او قصر الملك كلكامش ... فاندهشنا لرؤية هذا الصرح الذي لم يكمل التنقيب فيه وللعلم اغلب المدينه الاثريه لم ينقب فيها لحد الان فالمدينه مدفونه بالرمال كليا والاجزاء او المواقع التي تحدثنا عنها هي ما تم الكشف عنها فقط .فنزلنا الى منخفض القصر وتمشينا في اروقته محاولين معرفة ماجرى ولكن لاجدوى ..ووصلنا الى غرفة الملك كلكامش الذي شيد مملكته على هذه الارض وارتفعت في ايامه القصور وتطورت الكتابه المسماريه والاختام الاسطوانيه وتطورت الزراعه وتربية المواشي وبناء مدارس تختص بالعلم في المعابد وتشييد القلاع العملاقه للحمايه وتجهيز جيش سومري وتطوير البناء وانشاء معامل ولو كانت بسيطه ولكنها شيدت مملكه لاتزال اثارها لحد الان شامخه وسط الصحراء ......
عند قصر كلكامش انتهت رحلتنا ولكن هناك شيء ما يحاول ان يبقينا او يجعلنا ان ننقل المزيد ونشاهد حتى نكتب ما كانوا عليه اجدادنا من سومريين وبابليين واكديين واشوريين وكيف عاشوا وزرعوا الارض و بنوا فيها صروح شامخه ليومنا هذا .....
ودعنا الوركاء وودعنا المرافقين لنا في هذه الرحله الشيقه والممتعه وكان وداعنا الاكبر من نصيب الحارس المدني الذي يسكن هذه الاثار مع عائلته لوحدهم ..والذي اوصانا اكثر من مره لايصال معاناتهم وشكواهم لمن يهمه امر تاريخ العراق وارثه العظيم ...
ومن جانبنا نوجه الانظار الى هذه الاثار ونناشد الحكومه العراقيه والسيد رئيس الوزراء و المنظمات العالميه ومكاتبها في العراق المتخصصه بالاثار والسياحه والمنظمات العراقيه والمنظمات العربيه
و منظمة اليونسكو واليونسيف خاصة الى زيارة اثار الوركاء ومحاولة مساعدة الناس المخلصين والذين يعملون هناك باجور زهيده وبظروف مأساويه وليقفوا مثلنا على هذا الواقع الذي نقلنا لكم معظمه انهم اناس كرسوا انفسهم باخلاص لحماية اثر عظيم مهمل ومتروك للكثبان الرمليه ومحاولات السراق الذين لايهمهم مايعني هذا الاثر من تاريخ وحضارة ..
وايجاد الحلول لمشكلات هؤلاء الناس الذين ضحوا بانفسهم من اجل حماية مايجسد العراق وتاريخ العراقيين ..
وفي الختام شكرنا وتقديرنا لكل من ساهم في اعداد هذا التقرير :
شكر وتقدير الى مفتشية اثار المثنى في السماوة .
شكر وتقدير الى قوة حماية المنشأت (FPS) في السماوة – حماية الاثار .لمرافقتهم لنا وتوفير الحمايه
شكر وتقدير للسيد يعقوب وايضا شكر وتقدير للحارس ولعائلته في الموقع الاثري لضيافتهم ومرافقتهم لنا
5/3/2008
للاستفسار :
Samawa_the_gold@yahoo.com
samawahonline@yahoo.com

هناك تعليق واحد:

التوبي يقول...

شكرا لك اخي العزيز لمطالبتك بهذه الأمور , لعل وعسى احدهم يستفيق (المسؤلون) ويرى أو يقترح بناء مرافق سياحية بجوار مدينة كلكامش..

سأكون أنا وأبناء قريتي أول المستفيدن حينها لكون قريتنا قريبة من الآثار كما ذكرت ولكنها تبعد 3 كم عنها..